ما المقصود بالتربية الفنية ؟
تسهم التربية الفنية في تحقيق الاتزان الانفعالي للطفل , لأنها تتيح مجالاً واسعاً للتعبير عن النفس وانفعالاتها واحتياجاتها . ويكمن دورها في تكوين شخصية الطفل , وفي تنشيط حواسه الطرية النامية , وإيقاظ نشاطه الحرّ , المبتكر , المميز , المتذوق .
ليست الغاية من التربية الفنية أن نجعل من المتعلمين فنانين نلقنهم قواعد الرسم , وصنع الأشكال وحيل تصوير الطبيعة تصويراً يدوياً مقلداً , غنما الغاية هي أن يمارس الأطفال عملية الرسم والتلوين بحرية وعفوية , ليتذوقوا ما في هذه الممارسة من متعة في الشعور والفكر والتعبير عن الشخصية , بصرف النظر عن النتيجة , أي من دون أن يظنوا أن المطلوب منهم هو صناعة أعمال فنية ناجحة , يرضى عنها الكبار من حولهم . وليس المقصود كذلك , أن يتلقن الطفل عادات وطرائق يدوية لينسخ أشكالاً طبيعية , إنما المقصود هو إكسابه خصالاً نفسية , تتأصل في شخصيته وتصبح من طبائعه الأساسية , وهذه الخصال تنزع به دوماً إلى الاستقلال النفسي , وإلى التفكير الفعّال , وإلى دقة الملاحظة والاعتماد على النفس والجرأة في أخذ المبادرة .
هذه الخصال تنمو مع الطفل وتتأصل , إذا أحيط بجّو من الحرّية والتفهم , عن طريق ممارسة اللعبة الفنية . وإن الغرض من التربية الفنية هو إتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن أنفسهم , بالممارسة العملية , مما يغرس فيهم حب العمل اليدوي , وتقدير منتجيه ورفع مستواه الفني والجمالي , وبالتالي كسب المهارات الفنية . ومهمة التربية الفنية هي أيضاً تهيئة هذه الخبرة لدى الطفل , عن طريق تدريبه على تحسس الجمال في صوره وأشكاله وألوانه ومعانيه كافة . ثم التعبير عنه بمختلف الوسائل . وإن الطفل بحاجة إلى الإفادة من خبرات مستمرة , متجددة في كل مرحلة من مراحل نموّه , لتساعده على التقدم في تفكيره وسلوكه وطريقة استخدامه لقدراته .
والحقيقة إن عدو إدراك معلم التربية الفنية لأساليب التربية الحديثة , وعدم خبرته بسيكولوجية الأطفال , سترتدّ مجتمعة على الطفل قهراً له , وتحطيماً لنفسيته و في الوقت الذي يحتاج فيه إلى اهتمامنا به , وإدراكنا لمتطلبات نموه النفسي السليم .

يقول هيوز ( Hugues ) :
(( يظل نمو الذوق الفني مستمراً لدى الطفل حتى سن الخامسة , ثم يتراجع ... ))وقد وضع العلماء تفسيرات عديدة لهذه الظاهرة , ومنها أن الأطفال يكبرون في وسط لا يعير اهتماماً كبيراً للنواحي الفنية عندهم . ومنها أن الأطفال يضطرون تحت ضغط الحياة العملية إلى الابتعاد عن الخيال , والانصياع لمتطلبات الحياة , ومنها أخيراً أن التربية الفنية التي يحصلون عليها من المدرسة , في دروس الرسم وغيرها , تربية محدودة , تؤدي إلى عكس ما تهدف إليه .ومهما يكن السبب فإن المدرسة تتحمل مسؤولية كبرى في تراجع التذوق الفني عند أطفالنا ....


ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
المرجع:
الفنون التشكيلية ( الدليل التربوي ) التعليم الأساسي ــ الحلقة الأولى
( الجمهورية اللبنانية )